رحلة الستة قرون
-3-
مع مؤرخي أوروبا!
كان الجليد يتساقط بعنف.. الأنفاس يخالطها بخار الماء..
[[بربروشة بربروشة.. أنت صاحب كل شر..]]
خطوات متثاقلة.. نحيب كئيب..
[[ما كان من ألم وعمل.. مؤذ وجهنمي مدمر.. إلا والسبب فيه..]]
الأطراف مرتجفة.. والشفاه –بالتأكيد- متجمدة..
[[إلا والسبب فيه.. ذلك القرصان الذي.. لا نظير له في العالم..]]
كان هذا حال الأوربيين.. هكذا كان خوفهم من الدولة العثمانية السنية.. وما خير الدين بربروسة –أو بربروشة- الذي كانوا يصفونه في أشعارهم بأنه لا نظير له في العالم إلا أحد رجالات الدولة العثمانية..
كان السبب الرئيسي لعداوة الأوربيين للدولة العثمانية هو الدين.. فقد امتلأت قلوبهم حقداً على الإسلام وأهله..
وكان زعماء الدين من القساوسة والرهبان يغذّون الشارع الأوروبي بكراهية المسلمين.. ولا يتورعون عن وصفهم بالقبائح وأنهم: قراصنة.. سفاكي دماء.. همجيين..
علقت كلمات رجال الدين بالأذهان.. وامتلأت القلوب والعقول ببغض الإسلام والمسلمين.. واشتدّ الأمر بعد أن فتح المسلمون بقيادة السلطان محمد الفاتح العثماني القسطنطينة عاصمة دولة بيزنطة.. بل حوّلوها إلى دار إسلام.. وسموها (إسلام بول) أي دار الإسلام..
كانت صفعة مدوية لا يزال يتردد صداها إلى يوم الناس هذا..
كان من الممكن أن تكون انتصارات المسلمين المتتالية ومحاولاتهم المستمرة لاختراق أوروبا سبباً في انقلاب الشعوب الأوروبية على الأسر الحاكمة للبلاد الأوروبية.. تلك الأسر التي ظلت متربعة على صدور الشعوب الأوروبية لفترات طويلة.. لا هم لها سوى جمع المال والتمتع بالملاذّ على حساب الشعوب المخدوعة..
ولكن هذه الهجمات الإعلامية المكثفة في الشارع الأوروبي والتي قام بها القساوسة على المسلمين كانت كالمخدر لتلك البهائم السائمة..
ومع بداية عصر النهضة وسقوط معظم هذه الأسر الحاكمة بعد ثورة المجتمعات الأوروبية عليها بدأت رحلة جديدة في التاريخ الأوروبي.. ولكن رواسب الماضي ما زالت عالقة في نفوسهم.. حتى وإن ادعوا أنهم انسلخوا من دينهم.. وأنهم أعدموا آخر حكامهم بأمعاء آخر قسيس (!).. ما زال بغضُ الإسلام مترسخاً في قلوبهم.. فاندفعوا بقواتهم العسكرية لبلاد المسلمين..
كانت هذه هي البيئة التي نشأ فيها المؤرخ الأوروبي.. بيئة مظلمة.. فاسدة.. ملؤها الكذب والتشويه والخداع.. فكانت النتيجة الطبيعية أن يسل قلمه في مواجهة المسلمين.. وكان من الطبيعي أيضاً أن تكون الدولة العثمانية صاحبة أكبر نصيب من هذه الهجمة الشرسة..
كان هذا حال مؤرخي النصارى..
وعلى الجانب الآخر كان مؤرخو اليهود.. ولم يكونوا بأحسن حالاً منهم..
فقد فشل اليهود طوال عدة قرون من تاريخ الدولة العثمانية في اغتصاب شبر واحد من أرض المسلمين..
ولما وجدوا أن دولة الخلافة هي العائق أمامهم لتكوين كيان مستقل سعوا بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وخبث لإسقاط دولة الخلافة.. وقد كان.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
لا يستطيع أحد أن ينكر دور اليهود في إسقاط الدولة العثمانية.. بدايةً منذ إنشاء المحافل الماسونية في بلاد المسلمين.. وحتى دخل إيمانويل قراصو -اليهودي الأسباني- مع لجنة جمعية الاتحاد والترقي على خليفة المسلمين وسلطان الدولة العثمانية عبد الحميد الثاني لإبلاغه بقرار خلعه !
يومها أشار السلطان عبد الحميد إلى قراصو اليهودي وقال: (ما هوعمل هذا اليهودي في مقام الخلافة؟ وبأي قصد جئتم بهذا الرجل أمامي؟)..
لقد كان إسقاط الدولة العثمانية عملاً يهودياً في المقام الأول.. وما استطاع اليهود بناء دولتهم الخبيثة إلا على حساب الأنظمة القومية الخربة التي قامت في العالم الإسلامي بعد سقوط الدولة العثمانية.. وعمل المؤرخ اليهودي على تشويه التاريخ الإسلامي وتاريخ الدولة العثمانية خصوصاً.. تلك الدولة التي كانت السد المنيع أمام بني دينه والذي حال دون تحقيق أطماعهم في بلاد المسلمين..
قرآنٌ يُتلى..
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
0 التعليقات: