نسيم الليل
خيَّم الليل، ولامس نسيمه الوجوه.. ولكنَّ نسمات تلك الليلة ليست كأي ليلة!
لقد هبت تحمل معها عبير آيات الله.. صوت القائمين في المحاريب وهم يتلون كلام الله.. فتفيض عليهم الأنوار.. ويتسع أفقها لتشمل المدينة..
«إن الأشعريين هنا!»
قالها أهل المدينة.. هكذا اعتادوا..
فقد كانوا يعرفون قدوم الأشعريين -قوم أبي موسى الأشعري- مِن أصوات المتهجدين في الليل..
آيات تُتلى من هذا وذاك.. فتخترق الآفاق، ثم تسمعها أصداءً جميلةً مع تسبيح الكون..
بكاء الخاشعين تسمعه.. كأنهم وقوف أمام الجنة والنار يرونها رأي عين..
وينساب عليهم النور.. فينعكس على دموعهم فإذا هي لآلئ تشع بجمال السكينة..
ويقول الرب: «هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من مستغفر».
فتخر القلوب قبل الأبدان ساجدة بين يدي المولى.. تسأل حاجتها.. وتبتهل بين يديه..
لا تتعجب متى سمعت طنين النحل في ليالي المدينة..
فإن الأشعريين قد نزلوا بنا..
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ» [رواه البخاري] .
هكذا كانوا يُعرفون؟ فيا ويلاه! كيف نعرف نحن في ليلنا؟
[نشرت بنشرة تحت العشرين - عدد2 - 1/8/2011م]
0 التعليقات: