همساتٌ في أذني
(4)
أحبُّك في الله !
كان مِن أول من تعرفت عليه في هذا العالم الجديد
كان خجولاً .. حييًّا .. يكاد يقطر أدبًا
ملك خلقُه لبي .. فأحببته ..
ولكنه كان حبًّا من لون آخر
حبٌّ يختلف عن حب خلان ما قبل الالتزام
حبٌّ له مذاقٌ خاصٌّ ..
وإن كنتُ ـ في ذلك الوقت ـ لا أعرف له اسمًا ولا وصفًا
وكذا لا أعرف سببًا ظاهرًا يجلِّي لي الفرق بين حبِّين ..
فرغم كونهما من قلبٍ واحد ؛
إلا أنه شتَّان شتَّان !
مرضتُ .. فعادني
ولم أكن أعرف من عيادة المريض إلا عيادة الأقارب
وبعد زيارة إيمانية حلَّقت فيها النفس عاليًا ..
همس :
إني أحبك في الله
كانت أول مرة في حياتي أسمع فيها هذه الكلمة الرقراقة
إني أحبك ..
في الله
ما أعظمها من كلمة .. زلزت كياني
فوقفت حائرًا عاجزًا عن الجواب ..
ثم قلتُ له بعد أن تمالكت نفسي :
وأنا أيضًا
تبسم ابتسامة لا أنساها .. ثم قال :
ألا تعرف ماذا تقول لمن قال لك إني أحبك في الله ؟
أجبته بالنفي .. فقال لي :
إذا قال لك أحد إني أحبك في الله .. فقل له :
أحبك الذي أحببتني فيه
علَّمني ما معنى الحب في الله
ما معنى أن تحب المرء لا لماله ولا لجاهه
لا لظرافته ولا لوجاهته ولا لقرابته
لا تحبه إلا لله
لا تحبه إلا لأنك اجتمعت معه في طريق واحد
وعلى منهج واحد
اجتمعت معه على طاعة إله واحد ، على دين واحد ، وعلى عقيدة واحدة ، و..
وهمٍّ واحد ..
لَكَم أسعد متى ما رأيت أخًا أعجميًّا من أهل الدين والالتزام ..
فيتبسم في وجهي .. ويقول :
السلام عليكم .. يا أخي
أخي !!
هذه العلاقة التي تتجاوز المحيطات وتقطع المفاوز
لتصل القلوب بعضها ببعض
لا لشيء .. إلا لله تبارك وتعالى
أتذكر كلماته .. فتسري قشعريرة في جسدي
أمر على المكان الذي لامست فيه مسامعي همساته ..
فأبكي على الأطلال !
نعم .. أطلال ..
لقد انتكس هذا الأخ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء
كانت الصدمة قاسية ..
فيمن علَّمني ما هو الحب في الله
قابلتُه معرضًا بعد أن كان بالأمس مقبلاً
نصحتُه بما كان ينصحني به بالأمس
ذكَّرتُه بالحب في الله ولذته
قلتُ له :
ما أقول لك إلا ما كنتَ تقوله لي بالأمس ..
ولكنَّ الله يهدي من يشاء
إلهي ..
إن عبدك هذا علَّمني كيف أحبُّ فيك
اللهم فتب عليه .. ليتوب
فإنك توَّاب رحيم
اللهم فأحسن ختامنا وإياه ؛
فأنت الكريم
اللهم يا مقلب القلوب ..
ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرف القلوب ..
صرف قلوبنا إلى طاعتك
0 التعليقات: