عبد الفتاح.. لِدمعي عليك مذاقٌ آخر
(0)
توفي أخي في الله "عبد الفتاح منجود" اليوم وهو في طريقه إلى ليبيا
ضمن حملة "أمة واحدة" الإغاثية التي أطلقتها الدعوة السلفية
فإنا لله وإنا إليه راجعون
(1)
أتعرف طعم الألم عندما يمتزج بالفرح؟
هل ذقتَ طعم دمعك عندما تختلط عليك المشاعر؟
إن له مذاقًا خاصًّا..
مرارة الألم لمفارقة حبيب اجتمعت معه على طاعة الله..
ولذة الفرحة أن بلَّغه الله ما يريد وأحسن خاتمته..
فلَكم أنا حزين عليك يا "عبد الفتاح"
ولَكم أنا سعيد من أجلك
(2)
رافقت "عبد الفتاح" في القافلة الأولى لحملة أمة واحدة..
ولكنك متى قارنت حاله بحالي..
عرفت الفرق بين من يطلب الشهادة بصدق ومَن في صدقه نظر..
لقد قضى عبد الفتاح نحبه..
فاجعلنا اللهم ممَّن ينتظر غيرَ مبدِّل..
(3)
التقي الخفي.. أحسبه كذلك..
أول علاقتي به كانت من خلال مكتبته نظرًا لطبيعة عملي..
فرأيت امرءًا سمحًا إذا باع .. سمحًا إذا اشترى..
ويشهد بذلك كلُّ مَن تعامل معه..
ثم بدأت العلاقة تتوطد في بداية قضية الأخت كاميليا شحاتة فك الله أسرها..
فقد كان له دور كبير في التعريف بالقضية..
وكان ينسخ أسطوانات عليها مواد للتعريف بالقضية..
ثم يتولى توزيعها بنفسه على الناس..
في وقت لم تكن القضية قد اشتهرت فيه كما هو الحال الآن..
وكان مِن أول مَن أُوذي لهذا السبب..
فما خارت عزيمته ولا لانت..
(4)
ثم كانت رحلة ليبيا..
هناك.. حيث التحمت أرواحنا..
رافقتُه في طريق السفر..
صلينا معًا.. أكلنا وشربنا معًا..
كنا نبيتُ حيث نبيتُ معًا..
وأظن أن كل من رافقنا في تلك القافلة يذكر "عبد الفتاح"..
ذلك الشاب الذي لا يكف عن الكلام عن الشهادة في سبيل الله..
ويرجو الله أن يرزقه إياها..
ذلك الشاب ذو الجسد الضئيل الذي كان مِن أول مَن يبادر إلى حمل المواد الغذائية وإفراغ السيارات..
حتى عندما كان يتعب الجميع..
ذلك الشاب الهين اللين..
إن كان في الحراسة كان في الحراسة..
وإن كان في الساقة كان في الساقة
(5)
أثناء مبيتنا في مستشفى المخيلي بالدرنة..
أسر إليَّ أحد إخواني أن أغلب خِلانه قد فارقهم بعد أن منَّ الله عليهم بالشهادة في سبيله..
استشهد أولهم في العراق..
وكان آخرهم سيد بلال..
وباح لي بأمله في أن يُنعم الله عليه كما أنعم عليهم..
ثم كأنه ألمح إليَّ بإحسان العمل لحسن الختام..
عسى الله أن يحسن خاتمتي ويرزقني شهادة في سبيله..
لقد رُزقها عبد الفتاح الذي كان يبيت بجواره..
فيا لهف قلب ذلك الأخ الحبيب على الشهادة في سبيل الله..
وهو يرى رفاقه يُنعَم عليهم بها واحدًا تلو الآخر..
فاللهم ارزقنا شهادة في سبيلك..
مقبلين غير مدبرين
(6)
توطدت علاقتي بعبد الفتاح منذ هذه الرحلة..
فعلمتُه سباقًا إلى الخير.. عالي الهمة..
لا يتحدث كثيرًا عن عمله..
بل يعمل في صمت..
كان يتعاهد الإخوة المعتقلين..
وكان يسعى –على ضيق ذات يده- في حاجة الفقراء والأرامل..
وكانت آخر رسالة أرسلها إلي يوم السبت قبل وفاته بثلاثة أيام..
يدعوني فيها لعقيقة ابنته حفصة يوم الأحد..
ثم قابلته يوم الأحد في مسيرة الشهداء..
وكان على دراجته البخارية ينظم بعض الإخوة في المظاهرة..
(7)
لم ينشغل بوليدته حفصة..
ولم يركن إلى ملاعبة فرحته الأولى..
بل خرج مساء الاثنين في قافلة إلى ليبيا..
ثم وقع هذا الحادث الأليم صباح الثلاثاء قبل الوصول إلى هناك..
وتوفي هو وأخوان من إخواننا..
فإنا لله وإنا إليه راجعون..
(8)
ذكَّرني أخي إسلام مهدي اليوم بحفل عقد زواج أخينا عبد الفتاح والذي كان منذ عام تقريبًا..
ثم قال:
وعسى أن يكون عرسه اليوم..
(9)
عبد الفتاح ابن الخمسة والعشرين سنة..
أنموذج لأبناء الصحوة..
ممن كان لا يترك بابًا من أبواب الخير إلا طرقه..
ممن يُضرب به المثل في الغيرة على دينه..
ممن يعمل في صمت.. ولا يعرفه الكثيرون..
لكن لا يضره ذلك..
فيكفيه أن الله يعلم..
(10)
عبد الفتاح..
بيننا أسرارٌ قد لا تسامحني إن بحتُ بها..
ولكن لعلنا نتسامر بها إن شاء الله ونحن على السرر متقابلين..
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل..
اللهم اجمعني مع أخي عبد الفتاح في جنة الفردوس مع نبيك –صلى الله عليه وسلم-
0 التعليقات: