الأربعاء، 20 مارس 2013

اللهم اشهد (خطبة لعيد الأضحى)

نشرت من طرف : Unknown  |  في  2:25 م


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اشهد
(خطبة عيد الأضحى)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وتسليماً.
أما بعد –عباد الله-..
فقد أظلكم أشرف الأيام عند الله عز وجل، ألا وهو يوم الأضحية، يوم العجِّ والثجِّ، يوم الحج الأكبر، يومٌ يصبح فيه الحجيج مغفوراً لهم بإذن الله الغفور الرحيم..
يومٌ ابتلى الله فيه إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
لما نزل قول الله تبارك وتعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) خرج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من الهجرة حاجَّاً إلى بيت الله الحرام، وخرج معه المسلمون من كل مكان، فكانوا بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله مد البصر، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (خذوا عني مناسككم، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
ثم لما وقف بعرفة خطب في المسلمين خطبةً بليغةً جامعةً.. ودَّع فيها المسلمين، وأرسى فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الجاهلية.
قال صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهلية موضوعة، وأول ربا أضع أضع ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، واتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتمونهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهنّ ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنت تسألون عني فماذا أنتم قائلون؟).
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.
فرفع صلى الله عليه وسلم أصبعه إلى السماء ثم نكسها إلى الناس وقال:
(اللهم اشهد.. اللهم اشهد.. اللهم اشهد)
ونقف وقفات مع هذه الخطبة العظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم..
قال صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)
تعظيم حرمة المسلم.. قال صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).
وكان ابن عباس رضي الله عنهما ينظر إلى الكعبة ويقول: (إن الله حرّمك وعظَّمك وشرَّفك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منكِ).
فدم المؤمن وعِرض المؤمن ومال المؤمن أعظم حرمة عند الله من الكعبة.. فإياك عبد الله أن تنتهك تلك الحرمة..
إياك أن تظلم أحداًَ من الناس حتى ولو كان كافراً، فإن الله حرم على نفسه الظلم: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)، وكما حرّم الله عز وجل على نفسه الظلم فكذلك حرّم على عباده الظلم، فقال عز وجل في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).
فإياك أن تظلم أجيراً عندك، أو عاملاً عندك، فضلاً عن أن تظلم أهلك: زوجتك وأولادك، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم، ويؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم، فيؤخذ من حسنات الظالم فيُعطى للمظلوم، فإن لم يكن للظالم حسنات أُخذ من سيئات المظلوم فطُرحت على الظالم، ثم طُرح في النار، والعياذ بالله.
(إن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا وكل أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع)..
بعث الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فأعزَّ به الدين، وأرسى  به دعائم الإسلام، وجعل به كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وهدم به قواعد الجاهلية.
وأول شيء وضعه النبي صلى الله عليه وسلم من أمر الجاهلية هو شرك الجاهلية، فلا إله إلا الله التي أُرسل بها النبي صلى الله عليه وسلم إنما تعني خلع كل ما يُعبد من دون الله عز وجل من الآلهة الباطلة، وإثبات الألوهية لله عز وجل وحده لا شريك له.
ومن مقتضيات لا إله إلا الله أن تعتقد أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله تبارك وتعالى، فالأموات والمقبورون لا ينفعون ولا يضرون، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فضلاً عن أن يملكوا لغيرهم نفعاً أو ضراً (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
فالدعاء لا يكون إلا لله، والذبح لا يكون إلا لله، والنذر لا يكون إلا لله، والاستغاثة لا تكون إلا بالله، والحلف لا يكون إلا بالله عز وجل.
وكذلك من مقتضيات لا إله إلا الله إفراد الله عز وجل بالحكم والتشريع: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم حكم الجاهلية تحت قدميه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
فمن قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه لا يتحاكم إلا لشرع الله عز وجل، ويرضى بما شرعه الله تبارك وتعالى له وقدره.
قال صلى الله عليه وسلم: (وربا الجاهلية موضوعة، وإن أول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب)..
وضع النبي صلى الله عليه وسلم ربا الجاهلية تحت قدميه، وقد قال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، وقال عز وجل: (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
فإياك عبد الله أن تقع في هذه الكبيرة المهلكة.. إياك أن تقع في المعاملات الربوية، أو في التعامل مع الهيئات الربوية والبنوك الربوية، وها هي دار الإفتاء المصرية قد أصدرت الفتاوى بتحريم الربا، وأن المعاملات المعاصرة المشار إليه من الربا المحرم شرعاً، والمجامع الفقهية في العالم الإسلامي أجمعت على أن تلك الصورة من الربا المحرم شرعاً، فإياك أن يغويك الشيطان فتتبع فتاوى شواذ من الناس تدور حولهم الشكوك والشبهات..
أتريد أن تحارب الله؟
أتريد أن تحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)..
واعلم –عبد الله- أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا).
ثم أوصى صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً فقال: (واتقوا الله في النساء)، ومن تقوى الله في النساء أن تعلمهنَّ دين الله تبارك وتعالى.. (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
من تقوى الله تبارك وتعالى في النساء أن ترشدهن وتلزمهن بالحجاب الشرعي الذي فرضه الله عز وجل من فوق سبع سماوات (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ).. ولي كلمتان:
الكلمة الأولى للرجل:
أيها الرجل.. يا من تحب الله.. يا من تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أتحب أن ترى زوجتك أو ابنتك يوم القيامة في النار وقد حرمها الله عز وجل من الجنة لأنها لم تلتزم بالحجاب الشرعي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي لم أرهما)، وذكر منهما: (ونساء كاسيات عاريات)، قال: (كاسيات عاريات)، ولم يقل: عاريات، فهي ترتدي وتكتسي، ولكنها كأنها لم تكتسِ، (ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)..
يا من تحب الله عز وجل وتحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أتحب أن تأتيَ زوجتك يوم القيامة أو ابنتك، وتتعلق برقبتك، وتشتكي إلى ربها: يا رب حاسبه، فإنه لم يلزمني بالحجاب، يا رب انتقم لي منه..
وكلمة أخرى إلى النساء:
أيتها المرأة المسلمة.. أي شيء في الدنيا يستحق من أجله أن تبيعي جنة الله تبارك وتعالى؟
أي شيء تبيعين من أجله رضا الله عز وجل؟
أما علمتِ أن تاركة الحجاب لا تدخل الجنة؟ (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)..
وإياك أن يخدعكِ الشيطان بالتبرج المُقنع الذي انتشر الآن ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالحجاب ليس مجرد ستر الشعر، الحجاب ليس أن تضعي قطعة من القماش على رأسكِ وأنت لا زلت ترتدين ملابس التبرج..
أتريدين أن تخدعي الله؟
أما علمتِ أن الله عز وجل عزيز ذو انتقام؟
أما علمتِ أن بطش الله عز وجل شديد؟
ثم استشهد النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال: (وإنكم ستُسألون عني، فماذا أنتم قائلون؟)
ستُسألون عن رسول الله.. فماذا أنتم قائلون أيها المسلمون؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.
ونحن نشهد –بأبي أنت وأمي يا رسول الله- أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد حتى أتاك اليقين، فاللهم جازه خير ما جازيت نبياً عن أمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
عباد الله تدبروا القرآن المجيد، فقد دلكم على الأمر الرشيد، وأحضروا قلوبكم عند سماع الوعد والوعيد، ولازموا طاعة ربكم ولا سيما أيام العيد، فهذا شأن العبيد، واحذروا من غضب الله فكم قصم الله من جبار عنيد، (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ).
أين من بنى وشاد وطوَّل، وتأمّر على الناس وساد في الأوَّل، وظن جهلاً منه أنه لا يتحوَّل، هيهات.. هيهات.. هيهات عاد الزمان عليه سالباً ما خوَّل، فسُقوا كأساً من الموت على إهلاكهم عوَّل، (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ، بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ).
فيا من أنذره يومُه وأمسُه، وحادثه بالعبر قمرُه وشمسُه، واستُلِب منه ولده وأخوه وعُرسُه، وهو يسعى إلى الخطايا مشمّراً وقد دنا حبسه، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).
أما علمت أنك مسؤول الزمان؟، أما علمت أنك مشهود عليك يوم تنطق الأركان؟، أما علمتَ أنك معلومٌ ما قدمتَ في زمان الإمكان؟، أما علمت أنك مُحاسبٌ على خطوات القدم وكلمات اللسان؟، (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ).
يا من يرى العبر بعينيه، ويسمع المواعظ بأذنيه، والنذيرُ قد وصل إليه، وها هي كلماته تُلقى عليه، (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْه).. (إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
كأنك بالموت قد اختطفك اختطاف البرق، ولم تقدر على دفعه عنك بمِلك الغرب والشرق، وندمتَ على تفريطك بعد اتساع الخرق، وتأسفتَ على ترك الأولى.. والأخرى أحق، (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ).
ثم انتقلت من القصور إلى القبور، وحُملت على الظهور، وبقيت وحيداً على مر العصور، كالأسير المأسور، (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ).
عباد الله.. باب التوبة ما زال مفتوحاً، والله عز وجل يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، هو القائل: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ومسك الختام..
بادروا عباد الله إلى ذبح الأضاحي بعد صلاة العيد، فالأضحية علامة على الملة الإبراهيمية، والشريعة المحمدية، فقد قال الله عز وجل: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع الأضحية قط، وضحَّى بكبشين أقرنين أملحين، ونحرهما بعد صلاة العيد، وأخبر أن من ذبح قبل صلاة العيد فليس من النسك في شيء، وإنما هو لحم قدَّمه لأهله.
واعلموا عباد الله أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، فلا يُضحى بالمعيب: لا يُضحى بالعمياء، ولا العوراء، ولا العجفاء، ولا العرجاء، ولا يضحى بمكسورة القرن، ولا مقطوعة الأذن، ولا مقطوعة الذّنَب.
واعلموا أنه يستحب للمصلي أن يذبح بيده إن كان يحسن ذلك، ويستحب له أيضاً أن يأكل من أضحيته، وأن يتصدق منها على الفقراء، ويهدي منها لأهله وجيرانه وأحبابه.
تقبل الله منا ومنكم، ونسأله تعالى أن يرزقنا علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وعملاً متقبلاً.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمؤ فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.
وفقنا الله وإياكم لمراضيه، وجعل مستقبل حالنا وحالكم خيراً من ماضيه.
وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

هناك تعليق واحد:

Blog Archive

back to top