الثلاثاء، 19 مارس 2013

طفل ينتظر (قصة قصيرة)

نشرت من طرف : Unknown  |  في  8:48 م


طفل ينتظر
(قصة قصيرة)

سار كما هو كل يوم.. حافيَ القدمين.. مُمَزَّق الثِّياب.. وما بقي منها عليه قد استحال لونُه إلى اللا لون.. أشعث الشعرِ أغبره
كان يتجه بقدميه الصغيرتين المتَّسختين نحو هذا البناء الجميل الذي يسمونه المدرسة ليرى هؤلاء الأطفال الجُمَلاء
هؤلاء الأطفال الذين لهم رَجُل يحنو عليهم وينفق عليهم ويحوطهم بالرعاية والحب والحماية.. هذا الرجل الذي يقولون له "أبي"
وكذلك لهم امرأةٌ حانية تضمهم إلى صدرها فتكسبهم الطمأنينة والدفء.. يناودنها أيضاً باسم خاص آخر.. "أمي"
لقد عاش لا يعلم سوى المَزَابل أباً يُمِدُّه بالطعام والغذاء
ولا يعلم سوى الرصفان أماً تَضُمُّه إليها في الشتاء القارص
ينظر إليهم..يستقبلهم آباؤهم وأمهاتهم.. يشكون إليهم شكواهم فيجدون الصدر الرحب الحاني
وشكواه لا تتجاوز أضلعَه فهي كالسجين خلف قضبان البؤسِ والشقاءِ
يذكر يوم كان مريضاً يتلوى من الألم.. يستنجد بمن يراه حوله من الناس.. ينظرون إليه و.. ويمرون كأنهم لم يروا شيئاً.. لا يعبأون به.. كأن المتألم أمامهم حيوان حقير
أيدي الأطفال تحتضن أصابع والديهم كأنهم يجدون فيها الملاذ والحماية
وهو.. ملاذه الشوارع الخلفية وغيرها من الأماكن التى لا يمر فيها أحد
وهى مع ذلك ملاذ غير آمن ففي أي وقت قد يجد من ينهره ويضربه ويطرده مما سماه ملاذاً
غاية أمانيه أن يكون له مثل هذا الأب ومثل هذه الأم
ولكن.. هل يقبل أحد أن يعطي هذا البائس الصغير حنان الوالدين؟
هل يقبل أحد أن ينظر إليه نظرة إشفاق وحنان؟
هل يقبل أحد أن يعهد بتربيته وتعليمه دينه ليصير فرداً نافعاً لدينه ومجتمعه بدلاً من أن يكون مجرماً سارقاً قاتلاً؟
هل يقبل أحد أن يعهد إليه بالطعام يومياً بدلاً من المزابل التى يقلبها يومياً رأساً على عقب وبطنه تصطرخ جوعاً؟
إن هذا الطفل وأمثاله كثيرون.. ينتظرون نظرة حانية.. لمسة على رؤوسهم.. ينتظرون من يدركهم قبل وقوعهم في أوحال الجريمة.. فإنهم عندما يقعون فيها وتغوص أقدامهم فيها يصعب عادةً انتشالهم.
إنهم ينتظرون من يحتسب عمله لله عز وجل ويخلص لله في تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة فلعل هؤلاء البؤساء يكونوا رجالاً نافعين للأمة
إنهم ينتظرون وينتظرون.. ولكن إلى متى؟

(( من أرشيف كتاباتي القديمة ))

التسميات : ,

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

Blog Archive

back to top